موضوع إنشائي حول الأطفال في العالم..
رافقت والدك إلى ورشة إصلاح السيارات ففوجئت بطفل صغير يشتغل هناك وهو في حال مزرية.. فتعاطفت معه وحاورت والدك حول طريقة مساعدته..
انقل الحادثة في نص سردي تثريه بحوار بينك وبين والدك حول حقوق الأطفال في بلادنا ووجوب مساعدة المحتاجين منهم.
التحرير:
كنت أظن أن للطفل في بلادنا حقوقا تضمن له الحياة الكريمة والعيش الرغيد.. لينشأ متوازنا نفسياً فيقبل على الحياة في أمل وحبور..غير أني صدمت حين علمت أن أطفالا يسلبون هذه الحقوق.. ويرمون في مواجهة هذه الحياة القاسية فيتحملون مسؤولية تفوق طاقتهم..
هذا ما تيقنت منه حين التقيت "صالحا" ..وصالح هذا طفل يماثلني سنا وجدته في ورشة إصلاح السيارات التي رافقت إليها والدي لنصلح عطبا مفاجئا أصاب سيارتنا..
كان المسكين نحيفا هزيلا.. كث الشعر.. تعلو ملامحه طبقة سوداء من بقايا زيوت السيارات التي لطخت أيضاً ملابسه..
وبدا كتفه الأيمن من تحت جمازة ممزقة لا تكاد تستر الجسد الصغير.. سرواله لا تعرف لونه الحقيقي بعد أن تراكمت عليه الأقذار.. وتمزق نعله البالي فخرج إصبع القدم اليسرى.. وظهرت ركبتاه الشاحبتان الضعيفتان وقصبتا ساقيه من تحت الثوب المهلهل..
مع هذا كان نشيطا كنحلة عاملة.. يستجيب في صمت لطلبات مشغله التي لا تنتهي:
أين مفك البراغي أيها الشقي؟ ألم أنبهك أن تضعه دائما في مكانه المعتاد؟ لماذا لم تغير إطار العجلة حتى الآن؟
مالك تتراخى اليوم في عملك أيها البائس؟ كان المسكين يطيع الأوامر دون تردد وفي عينيه نظرة حزينة ودمعة يجاهد في إخفائها..وبعد أن أنهى الميكانيكي القاسي إصلاح سيارتنا غادر الورشة صحبة والدي لتجربتها على الطريق.. فانتهزت الفرصة وبقيت رفقة"صالح" نتجاذب أطراف الحديث.. وبعد أن أنهى التهام الطعام الذي جلبته له من المطعم المجاور سألته في حيرة:
ماذا تفعل يا صديقي في هذه الورشة اللعينة؟ وكيف تتلقى إهانة مشغلك في هدوء؟ المفروض أن تكون الآن في مدرستك صحبة رفاقك.
فتنهد في ألم وقال: لقد كنت تلميذا نجيبا مقبلا على الدرس في انتباه.. مثابرا من أجل تحقيق حلمي في أن أكون شخصا ناجحا يساعد عائلته حين يبلغ مبلغ الشباب.. قبل أن يصاب أبي بمرض أقعده عن العمل فساءت حالتنا المادية وعجزت أمي عن توفير لوازمنا المدرسية.. ولم نعد نحظى بما كان يوفره لنا والدي العزيز من لباس وطعام فانقطعت عن المدرسة وذهب حلمي سدى.. ثم بحثت عن عمل بسيط أساعد به والدتي المرهقة على مصاريف البيت..
قطعت عنا الحديث عودة صاحب الورشة.. فودعت صديقي الجديد بعد أن وضعت في يده مبلغا بسيطا من المال طلبته من والدي بعد أن وعدته أن أوضح له الأمر في السيارة..
حين جلست إلى جانب والدي سألني في اهتمام:
ما الأمر يا ولدي ؟ أراك تبدي اهتماما كبيراً بذلك الصغير..
فرددت في حزن:
لقد آلمني وضعه يا أبي.. فلم أملك إلا أن أساعده.. أتعرف أن صالحا كان تلميذا نجيبا يتردد على المدرسة القريبة.. لكن ظروف عائلته منعته من مواصلة الحلم..
ثم قصصت عليه حكاية صديقي الصغير.. فتأثر أبي كثيراً لحالة الطفل.. وقال:
نعلم جيداً أن القانون يمنع تشغيل الأطفال ولعلك علمت ذلك في المدرسة.. كما يمنع أيضاً حرمان الصغار من حقهم في التعلم.. فماذا ترى أيها البطل؟؟
فقلت في حماس واعتزاز:
علينا أن نسعى الى مساعدة صالح وعائلته كي يستعيد الصغير حياته الطبيعية.. أعول عليك يا أبي في هذا الشأن فهو يفوق قدرتي..
بعد مجهودات مضنية اتصل والدي ببعض الجمعيات والمسؤولين في الجهة.. فوفروا لوالد الطفل علاجا سريعا في المستشفى الحكومي.. وتم تجميع مبلغ محترم من المال لتقدر الأسرة على دفع ديونها.. واستعاد صالح مكانه الطبيعي في مدرسته بعد التنسيق مع المدير والمعلمين الذين استقبلوا الصغير بحفاوة أدخلت البهجة على نفسه الرقيقة..
ولا تسل عن سعادتي إذ ساهمت بقسط بسيط في تغيير حال الطفل إلى الأفضل..
لا يمكنك تحميل الصور و الملفات يجب عليك فتح حساب في الموقع.
الموقع يحتوي على اشهارات يمكنك استعمال الموقع بدون اشهارات في حالة الاشتراكالطريقة الوحيدة للاشتراك هو مراسلتنا على الوتساب على الرقم َValider votre compte