حوار الحضارات هو كل تفاعل حضارتين أو أكثر يتمّ فيها تبادل الخبرات في مختلف المجالات من أجل تمتين العلاقات بين الشعوب سياسيا وثقافيا واقتصاديا.
واليوم أصبح التلاقح الثقافي والحضاري ظاهرة موضوعية مثل الظواهر الطبيعية من العبث مقاومتها إنه قانون عام لا يصدّ ولا يردّ.
دواعي حوار الحضارات
إن دخول الإنسانية مرحلة تاريخية جدية تسمى بالكونية الشاملة والعولمة جعلت كل الأفراد في العالم يشعر بالحاجة إلى ثقافة الآخر المختلف عنه وضورة التعرف إليه فالإنسان لو لجأ إلى قدر قوّته لما أمكنه العيش لذلك تشعر كل شعوب العالم بعدم قدرتها على الاكتفاء بذاتها.
وقد تظهر هذه الدواعي في مجالات عدة منها المجال الثقافي. فقد تضاعفت الحاجة اليوم لدى الشعوب إلى التّبادل الثقافي الحر استئناسا بالآخر والتعرف إلى عاداته وخبراته والاستفادة منها في تطوير مرجعياته الحضارية وفق آليات محددة.
شروط الحوار الحضاري
الاعتراف بالآخر : أن يؤمنAfficher la suite كل طرف بحق الاختلافAfficherAfficher la suite la suite في كنف الحرية والمسؤولية مما يساهم أكثر في الابتكار والإبداع، يقول توفيق بن عامر :"لا مجال للحوار بدون حرية وتضاف إلى هذه القاعدة قاعدة مبدئية أخرى هي ضرورة الاعتراف بالآخر وبهويته ومعتقداته وحضارته وإحلال مبدا التسامح محل النزاعات التعصب وإقصاء فكرة التفاضل بين الثقافات واستبدالها بفكرة التكامل بين الثقافات".
تجنب مبدأ المفاضلة : فعلى كل طرف أن يعامل الطرف المقابل له على مبدا المساواة في القيمة والمكانة تأثّرا وتأثيرا.
التبادل : أن يؤمن كل طرف بجدية الشراكة فينهض الحوار على تبادل مستمرّ للخبرات والقدرات والمعارف بشكل يسرق التقدّم ويحقق التطور الحضاري المطرد. فعلى كل طرف أن ينظر إلى الآخر على أنه كائن ثقافيّ وحضاريّ كفء وقادر على الإضافة وعلى أن يعطي بقدر ما هو مستعدّ إلى أن يأخذ.
وسائل تحقيق حوار الحضارات
الترجمة : هي من أقدم وسائل التعامل بين الثقافات والشعوب ومهمتها نقل الخبرات والقدرات والمعارف وتعميمها بين الأمم. يقول منجي الشّملي : بها ينشأ التفاهم بين الشعوب" والتعاضد الثقافي
الاعلام : في الحضارات والثقافات القديمة كان التلاقح بطيئا لبطء الاتصالات وأما في الأزمنة الحديثة فقد تسارع التاريخ فتسارعت وتائر التلاقح بفضل تقنيات الاتصال والبث والتبادل والسياحة والهجرة واختلاط السكان ولقد أسهمت وسائل الاعلام في سرعة تنقل خبرات الأمم، يقول مصطفى المصمودي : "يعتبر الكثير من الملاحظين أن تكاتف شبكات الارسال واتساع رقعتها سيفتح عهدا جديدا تتأثر به الأرضية الثقافية في مختلف المجتمعات".
ومن وسائل الحوار الحضاري نذكر الأنترنت والتبادل الثقافي في شكل رحلات علمية وبعثات ثقافية.
مقاصد حوار الحضارات
مقاصد إنسانية يمكن حصرها في الآتي :
محاربة النزاعات الأنانية المدمرة
إزالة مظاهر الحقد والبعضاء والحروب بين شعوب العالم
نشر ثقافة الاعتدال والتسامح ونبذ مظاهر التطرف والتشدد
نشر قيم الحرية والعدالة والسلم
التقريب بين الثقافات المختلفة دون التفريط في الخصوصية الثقافية الضامنة للهوية
كسر الحدود بين الشعوب وخاصة الجمركية لتحقيق حرية التبادل التجاري في مشروع العولمة
عراقيل الحوار الحضاري
النزوع إلى الهيمنة بمختلف تجلياتها الاقتصادية والسياسية والثقافية فتلاقي الاقتصاديات في اقتصاد عالمي متدامج يجري حتى الآن على نحو متوحّش استفاد منه البعض وسقط البعض ضحايا له.
نشر ثقافة عدائية عبر وسائل الاعلام فلابد اليوم أن نضمن درجة معقولة من التنوع الثقافي في العالم فلابد من إعادة هيكلة المؤسسات التعليمية في العلم لمجانسة برامجها في ما يخص القيم الكونية مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان باعتبارها قيما ثقافية عابرة للقوميات يتعرف فيها العقل الانساني على نفسه لتخريج أجيال إنسانية ذات وعي متجانس لا ينتهك حقوق الإنسان ولا يسكت على انتهاكها ومتشبع بقيم التضامن البشري وباحترام البيئة باعتبار الأرض وطن للإنسان الحقيقي المهدد بكارثة ايكولوجية مميتة